لكن ما السبب؟، سألني زوجي، “ساشكا جيلب” النحيف ذو الشعر الأحمر. مهندس الميكانيكا، والمحاسب، ثم المدير التجاري في مؤسسة ناجحة، الإنسان الذي يقولون عنه إنه الرجل المناسب في المكان المناسب. هل أخونكِ؟ هل أضربكِ؟ لماذا إذن؟ لماذا؟ كان يليق بك زوج مثل “يوشو بوديك”، أو “فلورو ترنكا” لتعرفين الفرق. أجبته
- نعم.
- ماذا تقصدين بـ”نعم”؟
- نعم
- ما معناها؟
- سأقدم طلب الطلاق.
- هذا لأني طلبت من “تيو” أن يعيد لي الأموال التي أقرضتها له؟ لكنه يجب أن يعيد الأموال التي اقترضها طالما اقترضها.
أجبته:
- وها هو قد أعادها.
- أخبريني…
- بما؟
- هل في الأمر رجل آخر؟
كان هناك رجل آخر، لكني لن أخبر “ساشكا” عنه لأن طلب الطلاق لا علاقة له بذلك الآخر. وحتى “ساشكا” لم ينتبه إليه. لم يكن الأمر أيضًا يتعلق بما حدث في عيد الفصح عندما ترك البيت، بينما من المفترض أن تكون الأسرة مجتمعة في يوم كهذا. ذهب بسيارة الشركة في رحلة عمل إلى أوكرانيا ليعقد صفقة مربحة للشركة، وأثناء تلك الرحلة تورمت قدماه، واضطر إلى أن يشتري حذاءً سبب له بثور في أخمص قدميه، فعجز عن المشي تمامًا. ومن وقتها وهو يتنقل بالسيارة مثل الدب، وتركهم ينقلوه إلى حيث يشاؤون. لكن هذا لم يكن السبب. لقد تحول “ساشكا” إلى وظيفة. صار هو نفسه منصبًا، دبًا – ذئبًا. كل ما حوله ساعده على هذا، وسمح له به. توقف عن كونه “ساشكا” الهزيل الطيب الذي يرافقني في جمع الفطر كلما داهمتني أعراض الاكتئاب. لم يعد “ساشكا” الذي يسعد كلما عثر على نبتة فطر إسفنجي خال من الديدان. سعادة غامرة كانت تتملكه كلما وجده، يجتزه من ساقه، ثم يعطي جيراننا سلة ممتلئة بحبات الفطر الطازج. حيث يطهونها بالقشدة، أو يخلطونها مع البيض. كان من الضروري أن نعطيها لأحدهم لأن العربة الليموزين كانت تحمل “ساشكا” لعقد مزيد من الصفقات بدون الفطر، وبدوني وبدون أولادنا، “تيو” و”كورونيس”. يذهب معهم. وبعد أن يعود من رحلة عمل تستمر أربعة أيام يتوقف عند أمه “هانا جيلبوفا”، حماتي.
إنها صفاتهم، حموات.
كانت والدة “ساشكا” حماتي، “هانا جيلبوفا”، ولقبها قبل الزواج “تسناكوفا”
“شارلوتا” أم “بيلو”، هي حماة ابنتي “كورونيس”.
وأنا يومًا سأكون حماة “نينا”.
كرست أم “ساشكا” فيه شعورًا بأن كل شيء وجد من أجله هو. بينما كان وجود أبوه “يوناتان جيلب” كعدمه. كان ذكره دائمًا مرتبطًا بالحديث عن الحديقة التي نمت فيها بضعة شجيرات برقوق تطرح حبات صفراء، وشجرة تفاح تثمر تفاحًا شديد الحلاوة. يضعونه في حوض الاستحمام، فيتكلس طلائه ويصير أحمرًا. لم يخبرونا إن كانوا يصنعون خمرًا من ذلك السائل المتخمر في الحوض الصدِئ أو من سائل آخر غيره. لم أسألهم. كل ما فعلته هو أني رفضت أي شراب على طريقة الأيام الخوالي. وبدورهم لم يعزموا علىّ كثيرًا. لقاءاتي مع “هانا” تعد على أصابع اليد. وكان بكاء “كورونيس” يصيبها بالإرهاق. وعندما ولد “تيو” وجدتها في اليوم التالي تقف في دهليز المستشفى. لم تقل إنها تريد أن ترى حفيدها. وما عساها أن ترى في وليد سوى احمرار وجهه من البكاء، وجسدًا أصفرًا من أثر اليرقان، وليد نائم فوق عربة مستشفى مستطيلة وسط أطفال أخرى مثله، يتميزون عن بعضهم بشرائط بلاستيكية مستديرة تحمل أسمائهم، مثبتة بأحبال قطنية حول معاصمهم؟ لقد رأت في حياتها كثيرًا من الأطفال حديثي الولادة. أرادت أن تراني أنا، تأخذني من فوق السرير، وتجبرني على أن أضع خفّا في قدميي الحافيتين بعد أن فشلت في ارتداء الجوارب. أجذب روبَ المستشفى الأزرق من فوق الحامل، وأرتديه، ثم أوثقه بحزام حول خصري، وأنزل فوق درجات سلم المستشفى إلى الطابق الأرضي.